اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 550
عليك يا أكمل الرسل الا البلاغ وعلى الله الهداية والرشد فلا تتعب نفسك في هداية من أحببت بل امر الهداية والضلال انما هو مفوض الى الكبير المتعال
لذلك قال سبحانه إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بمحمد صلّى الله عليه وسلّم الهادي لعموم الأنام الى توحيد الذات والصفات والأفعال جميعا وَالَّذِينَ هادُوا وهم الذين قد آمنوا بموسى الكليم عليه السّلام الهادي لامته الى توحيد الصفات وَالصَّابِئِينَ الذين يدعون الاطلاع على سرائر الكواكب والاجرام العلوية وَالنَّصارى وهم الذين آمنوا بعيسى عليه السّلام الهادي لامته الى توحيد الأفعال وَالْمَجُوسَ الذين يدعون التمييز بين فاعل الخير وفاعل الشر وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا بالله واثبتوا له شريكا مع تنزهه عن الشركة مطلقا وبالجملة كل من هؤلاء المذكورين يدعى حقية نفسه وبطلان غيره إِنَّ اللَّهَ المطلع بسرائر عموم عباده وضمائرهم يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ اى بين من هو المحق منهم من المبطل يَوْمَ الْقِيامَةِ المعد للفصل والقطع وكيف لا يميز ولا يفصل سبحانه إِنَّ اللَّهَ المتجلى في الأنفس والآفاق عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ اى حاضر مع كل شيء رقيب عليه غير مغيب عنه أصلا
أَلَمْ تَرَ ايها المعتبر الرائي ولم تعلم أَنَّ اللَّهَ المظهر لعموم المظاهر يَسْجُدُ يتذلل ويخضع لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ من العلويات وَمَنْ فِي الْأَرْضِ من السفليات خصوصا معظمات الاجرام العلوية وَهي الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وكذا معظمات الأجسام من السفليات وَهي الْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ اى مطلق الحيوانات وَيسجد له ايضا طوعا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ المجبولين على فطرة التوحيد المخلوقين على استعداد الايمان وقابلية المعرفة والإيقان وَكَثِيرٌ منهم لانحرافهم عن الفطرة الاصلية بتقليد آبائهم ومعلميهم الذين يضلونهم عن سواء السبيل لذلك قد حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وثبت له العقاب في لوح القضاء وحضرة العلم المحيط الإلهي وَبالجملة مَنْ يُهِنِ اللَّهُ ويسقط رتبته ويحط درجته فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ معل رافع أَنَّ اللَّهَ المطلع على استعدادات عباده وقابلياتهم يَفْعَلُ معهم ما يَشاءُ بمقتضى علمه وخبرته ويحكم لهم وعليهم ما يريد حسب قدرته وارادته ثم لما تطاول نزاع اليهود مع المؤمنين وتمادى جدالهم وخصومتهم حيث قالت اليهود نحن أحق بالله منكم لتقدم ديننا وشرف نبينا وفضل كتابنا وقال المؤمنون نحن أحق منكم لان ديننا ناسخ عموم الأديان ونبينا خاتم دائرة النبوة والرسالة ومتمم مكارم الأخلاق وكتابنا الجامع لما في الكتب السالفة الناسخ لبعض أحكامها أفضل من سائر الكتب ونحن لا ننكر نبيا من الأنبياء وكتابا من الكتب وأنتم قد انكرتم بعيسى عليه السّلام وبدينه وبكتابه وكذا بديننا ونبينا وكتابنا مع انه مسلم عند نبيكم مذكور في كتابكم وأنتم تعلمون حقيته وتنكرونه عنادا او رد سبحانه في كتابه قصتهما وحكم بينهما
فقال هذانِ الفوجان والفرقتان يعنى المؤمنين واليهود خَصْمانِ قد اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ مع وجدة ذاته وشمول ألوهيته وربوبيته لعموم البرايا فَالَّذِينَ كَفَرُوا بالله المتوحد بذاته واثبتوا شريكا وفرقوا بين كتبه ورسله بالإقرار والإنكار وبالتصديق والتكذيب قُطِّعَتْ اى أعدت وهيئت لَهُمْ ثِيابٌ وملابس متخذة مِنْ نارٍ شبهها بالثياب لإحاطتها وشمولها ومع ذلك يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ الماء الحار البالغ نهاية الحرارة
بحيث يُصْهَرُ ويذاب بِهِ اى بالماء الحار ما فِي بُطُونِهِمْ من الشحوم وغيرها وَكذا يذاب به
الْجُلُودُ وَلَهُمْ اى لردهم وزجرهم قهرا وزجرا مَقامِعُ سياط متخذة مِنْ حَدِيدٍ يعنى بيد كل من وكل عليهم من الزبانية سوط من نار وهم
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 550